الدم تأكله النار يأبى عن ذلك ، إذ لو كان طاهرا لعلل بطهارته ، ولو قيل بأن الدم الطاهر يحرم أكله فتعليله بأكل النار ليذهب التحريم وإن لم يكن نجسا ، ففيه أن استهلاكه في المرق إن كفى في حله لم يتوقف على النار ، وإلا لم تؤثر النار في حله انتهى.
أقول : يمكن أن يحمل التقييد بالغليان على الاستحباب لرفع استقذار النفس ، وإن كان القول بالحل مطلقا لا يخلو من قوة.
٩ ـ دعائم الاسلام : عن الباقر عليهالسلام والصادق عليهالسلام أنهما قالا في الدم يصيب الثوب : يغسل كما تغسل النجاسات ، ورخصا في النضح اليسير منه ، ومن سائر النجاسات ، مثل دم البراغيث وأشباهه قالا : فاذا تفاحش غسل (١).
ايضاح : اختلف الاصحاب في وجوب إزالة الدم المتفرق على الثوب أوالبدن إذا كان بحيث لو جمع بلغ الدرهم فقال ابن إدريس الاحوط للعبادة وجوب إزالته و الاقوى والاظهر في المذهب عدم الوجوب ، ونحوه قال في المبسوط والشرايع والنافع ، وقال في النهاية : لا تجب إزالته ما لم يتفاحش وهو خيرة المعتبر ، و قال سلار وابن حمزة : تجب إزالته ، واختاره العلامة في جملة من كتبه ، و الاول أقوى.
وقال في المعتبر : ليس للتفاحش تقدير شرعي وقد اختلف أقوال الفقهاء فيه ، فبعض قدره بالشبر وبعض بما يفحش في القلب ، وقدره أبوحنيفة بربع الثوب ، والوجه أن المرجع فيه إلى العادة ، لانها كالامارة الدالة على المراد باللفظ ، إذا لم يكن له تقدير انتهى.
ثم اعلم أن الرواية تدل على أن الرشح من غير الدم أيضا معفو ، كما قال به بعض الاصحاب ، وهو خلاف المشهور والاحوط الازالة قال في المختلف : قال ابن إدريس : قال بعض أصحابنا : إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رؤوس الابر من النجاسات فلا بأس بذلك ، والصحيح وجوب إزالتها قليلة كانت أو كثيرة
____________________
(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٧.