( عليهما السلام ) ـ في خبر طويل ـ عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، أنّه قال : « فالإِيمان بالله تعالى هو أعلى الإِيمان (١) درجة ، وأشرفها منزلة ، وأسناها حظّاً ، فقيل له ( عليه السلام ) : الإِيمان قول وعمل أم قول بلا عمل ؟ فقال : الإِيمان تصديق بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان ، وهو عمل كلّه ، ومنه التّام الكامل تمامه ، والنّاقص البيّن نقصانه ، ومنه الزّائد البيّن زيادته ، إنّ الله تعالى ما فرض الإِيمان على جارحة واحدة ، وما من جارحة من جوارح الإِنسان إلّا وقد وكلت بغير ما وكلت به الأُخرى ، فمنها قلبه الّذي يعقل به ويفقه ويفهم ويحلّ ويعقد ويريد ، وهو أمير البدن وإمام الجسد ، الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلّا عن أمره ورأيه ونهيه ، ومنها اللّسان الّذي ينطق به ، ومنها أُذناه اللّتان يسمع بهما ، ومنها عيناه اللّتان يبصر بهما ، ومنها يداه اللتان يبطش بهما ، ومنها رجلاه اللّتان يسعى بهما ، ومنها فرجه الذي الباه (٢) من قبله ، ومنها رأسه الّذي فيه وجهه ، وليس جارحة من جوارحه إلّا وهي مخصوصة بفريضة ، ففرض على القلب غير ما فرض على اللّسان ، وفرض على اللّسان غير ما فرض على السمع ، وفرض على السمع غير ما فرض على البصر ، وفرض على البصر غير ما فرض على اليدين ، وفرض على اليدين غير ما فرض على الرّجلين ، وفرض على الرّجلين غير ما فرض على الفرج ، وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه ، وفرض على الوجه غير ما فرض على اللّسان .
فأمّا [ ما ] (٣) فرضه على القلب من الإِيمان الإِقرار والمعرفة ( والعقد عليه ) (٤) والرّضى بما فرض عليه ، والتّسليم لأمره ، والذكر والتّفكّر والإِنقياد إلى كلّ ما جاء عن الله عزّ وجلّ في كتابه ، مع حصول المعجز فيجب عليه اعتقاده ، وأن يظهر مثل ما بطن إلّا لضرورة ، كقوله تعالى :
____________________________
(١) في المصدر : الأعمال .
(٢) الباه : النكاح ( لسان العرب ج ١٣ ص ٤٧٩ ) .
(٣) أثبتناه من المصدر .
(٤) في المصدر : والعقل .