لك » (١) !!
كل هذه الاُمور والمواقف واللفتات العملية الدقيقة وعشرات مثلها ، هي التي خلّدت الإمام زين العابدين وجعلته في مصافّ أعظم الأئمة والمصلحين وزعماء التاريخ ، وإنّها هي التي هيأت له من أسباب الخلود مالم تهيئه لمناوئيه ومعاصريه من الحكام الأمويين الذين تحكّموا بالرقاب دون المشاعر ، وركّزوا علىٰ الشعار دون الواقع ، فصاروا عاراً علىٰ التاريخ ولعنة للأجيال...
نعم ، جاءت مواقف الإمام حاكمة علىٰ نظرياته وليس العكس ، وجاءت مصاديقه ترافع مفاهيمه وليس العكس ، وهكذا جاءت دموعه الحرّىٰ ناطقة عن إيمانه وصبره وفجيعته ، كما جاء حزنه الصامت مفصحاً عن ثورته ورفضه وتمرده.
لقد جسّد عليهالسلام بحق نظرية أبيه في طلب الإصلاح في أُمّة جدّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجاء امتداداً صادقاً لتلك التضحية الخالدة التي كانت وستظل غرّة علىٰ جبين الزمان ، مادام هناك صراع بين الحق والباطل ، أو بين السماحة واللؤم ، أو بين النقص والكمال ، أو القبح والجمال...
فلولا القبح ما عُرف الجمالُ |
|
|
|
ولولا النقص ما عُرف الكمالُ |
|
( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا ) (٢).
_______________________
(١) الكامل للمبرد ٣ : ٨٠٥.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ٧٦.