تأسيساً علىٰ ذلك ، يمكننا القول إن رسالة الحقوق التي كتبها لنا الإمام زين العابدين هي أول إعلان إسلامي بل عالمي لحقوق الإنسان ، كما ثُبّت قبل ألف وأربعمائة سنة ، وقبل أن يعرف العالم إعلانات واتفاقيات ومبادىء الحقوق بهذه النظرة الشمولية الرائدة...
فلنمرّ مروراً سريعاً ، إذن ، علىٰ رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليهالسلام بديباجتها النظرية البليغة التي لم تفصل بين السماء والأرض كما تفعل إعلانات حقوق الإنسان العالمية اليوم ، بل راحت تؤكد علىٰ تغيير المحتوىٰ الداخلي للإنسان الذي به ومنه تنطلق إرادات التغيير نحو عالم أفضل وأكمل.
يقول الإمام زين العابدين عليهالسلام في ديباجته لرسالة الحقوق هذه « إعلم ، رحمك الله ، أنّ لله عزَّ وجلَّ عليك حقوقاً محيطة بك في كلِّ حركة تحركتها أو سكنة سكنتها أو منزلة نزلتها.. وأكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالىٰ ، وما أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلىٰ قدمك علىٰ اختلاف جوارحك ، ثمّ حقوق أئمتك وحقوق رعيتك وحقوق رحمك ، فأوجب عليك حق أمّك وحقّ أبيك ، ثمّ حقّ ولدك وحقّ أخيك ، ثمّ الأقرب فالأقرب... ».
بعدها راح الإمام يُعدّد هذه الحقوق
حقاً حقاً ، ليفصّلها بعدئذٍ بدقّة وموضوعية وعمق ، وكان مما قاله عليهالسلام
في إحصاء هذه الحقوق : « ومنها حقّ غريمك الذي تطالبه ، وحقّ غريمك الذي يُطالبك ، ثمّ حقّ خليطك ،