من خلاله الإنسان بهدوء وبساطة إلىٰ وحدانية الله تبارك وتعالىٰ من خلال استقراء ظواهر طبيعية حسيّة هي مع الإنسان في وجوده ، يحملها معه في كلِّ آن ، ولا يستغني عنها لحظة..
فيقول في ذلك : « إلهي بدت قدرتك ولم تبدُ هيئة جلالك ، فجهلوك وقدّروك بالتقدير علىٰ غير ما أنت به ، شبهوك وأنا بريء يا إلهي من الذين بالتشبيه طلبوك ، ليس كمثلك شيء إلهي ولم يدركوك ، وظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك ، وفي خلقك يا إلهي مندوحة عن أن ينالوك بل ساووك بخلقك ، فمن ثمَّ لم يعرفوك ، واتخذوا بعض آياتك ربّاً ، فبذلك وصفوك ، فتعاليت يا إلهي عمّا به المشبّهون نعتوك » (١).
لاشكّ أن المتدبّر في أدعية الصحيفة السجادية سوف يجد آثاراً واضحة تتركها مجمل أدعيته عليهالسلام علىٰ طبيعة سلوكه بشكل عام. فإنّه عليهالسلام قد ضرب أروع الأمثلة في الخلق الإسلامي الرفيع ، وجسّد الشخصية الإسلامية المثالية..
وهكذا سعىٰ عليهالسلام إلىٰ الارتفاع بالنفس المؤمنة في مدارج الكمال عبر بلورة المفاهيم الأخلاقية التربوية من خلال نسجهما بشكل دعاء فيه من الضراعة والخشوع لله تعالىٰ واستمداد العون منه في شحذ النفس بالتعلق بأخلاق السماء ، والتعالي عن كل وضيع ، والارتفاع عن كلِّ دنيء.
ولقد أرسىٰ الإمام عليهالسلام عبر أدعيته في مختلف مظانها مناهج التغيير الذاتي ، بمحاكاته العقل والوجدان الإنساني وتربيتهما رسالياً ، وهذه
_______________________
(١) الصحيفة السجادية الجامعة : ٢٢ دعاء (٣).