بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ لله ربِّ العالمين ، وصلّىٰ الله علىٰ سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين..
وبعد.. في رحاب النبي العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الطاهرين عليهمالسلام نعيش أروع معالم الكمال البشري، وأسمىٰ آيات العظمة الإنسانية، ونتابع سلسلة من المواقف التي تحمل في ذاتها كل مبررات البقاء والخلود ، معالم طريق، ومنارات هدىٰ، وبيّنات مجد لا يضاهىٰ.. ذلك إذا ما وقفنا عند تلك المعالم وهذه المنارات والبينات كما ينبغي، مرسلين النظر في أطرافها ، باعثين سفراء العقول والضمائر بين ثناياها وفي أعماقها.. وقفة الدارس المتأمل، والناظر المستلهم، وهذا عين ما أردناه من هذه السلسلة الخاصة في دراسة سير المعصومين عليهمالسلام.. ولعل أول ما نلمحه من نظرة كلية الىٰ سيرهم الغنية بالعطاء هو انّ كل واحدٍ منهم عليهمالسلام قد تميّز بواحدةٍ من الخصال أو أكثر، صبغت أيامه، وربّما تراثه أيضاً بصبغتها المميزة، مع ما نلاحظه من خطوط التلاقي الوفيرة، والتكامل التاريخي المتجسّد في سيرة واحدة تمتد قرنين ونصف القرن، منذ فجر الرسالة وحتىٰ غياب المعصوم الرابع عشر.
فإذا كان لون الشهادة هو الغالب علىٰ سيرة الحسين عليهالسلام.. ونهضة الدين العارمة المتنقلة بين السجون مع موسىٰ الكاظم عليهالسلام.. وظاهرة الإمامة المبكرة مع الجواد والهادي والمهدي عليهمالسلام، فثمة حلقات تاريخية شاخصة المعالم تجمع سير العظماء الخمسة مع من سبقهم، ومن هو بينهم من هداة البشر عليهمالسلام.
وفي حياة خامس الأئمة ، زين العابدين عليهالسلام ، سنرىٰ ظاهرة
جديدة ، ربّما في تاريخ عظماء البشر علىٰ الإطلاق، ظاهرة السبك الحكمي الدقيق لكل مبادىء الإسلام من أركان وتعاليم، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومفاتح التغيير الإجتماعي، ومفاتح الثورة علىٰ الظالمين، ومبادىء حقوق الإنسان، سبكها كلها في لغة الدعاء والابتهال المقروء والمحمول، بعد أن كانت من أخطر الممنوعات