العظيمة التي جاء من أجلها بل لأجلها النبي المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واستشهد لأجلها سيد الشهداء عليهالسلام.
جاء الإمام السجاد في صحيفته هذه ليمزج العاطفة بالوجدان ، والقلب بالعقل ، ويحمل الجميع إلىٰ الحقيقة الإلهية المتعالية بلا رتوش أو أصباغ أو قوالب يتماهىٰ معها أدعياء هذه الحقيقة فيستغرقون ويُغرقون الناس معهم في مفاهيم غائمة لا مصاديق لها ، أو يغوصون في عبارات سائبة عائمة لا تستقر في قعر ولا تركن إلىٰ حصنٍ منيع.
ونكتفي بالإشارة ، والإشارة فقط إلىٰ بعض مضامين دعائه التي لم تحلّق في السماء فقط ، وإنّما نزلت إلىٰ الأرض تقارع الظالمين وتنتصر للمظلومين ، تستنهض الهمم وتدعو لتحكيم دين الله ، ولم تكتفِ ، بل لم تجنح إلىٰ «التهويمات» التي يطير فيها بعض المتصوفين ممن لا علاقة لهم بالناس ، ولا وشيجة لهم مع أُمّة أو مجتمع...
وسنتناول فيما يلي ثلاثة مضامين تناولها الإمام عليهالسلام وسعىٰ إلىٰ ترسيخها في أذهان الاُمّة ، وقد تمثّلت في العقائد والأخلاق وأخيراً المضمون العبادي الذي يعطي العبادة دورها الفعّال والحيوي في إحياء المجتمع وتزكيته ، وهذه تُعدُّ من أهم ركائز المجتمع الإسلامي :
ولعلَّ أول ما يطالعنا في هذا السفر
الخالد هو قدرة الإمام زين العابدين عليهالسلام
الفائقة علىٰ تجسيد العلاقة بين العبد وربّه ، أو بين الخالق والمخلوق ، وباسلوب أدبي رفيع ومناجاة عذبة صادقة يصدق أن يُقال فيها ما قيل في أقوال جدّه علي بن أبي طالب عليهالسلام
أنّها تحت كلام الخالق