الأسباب ، وجرىٰ بقدرتك القضاء ، ومضت علىٰ إرادتك الأشياء ، فهي بمشيئتك دون قولك مؤتمرة ، وبإرادتك دون نهيك منزجرة ، أنت المدعو للمهمّات ، وأنت المفزع في الملمّات ، لا يندفع منها إلّا ما دفعت ، ولا ينكشف منها إلّا ما كشفت... » (١).
وغير ذلك من تضرّع ومناجاة وتبتّل ، كانت لها أكبر الآثار في شدّ الناس بالله تعالىٰ وتذكيرهم بعظمته وجبروته ، وتحذيرهم من الكفر به وتجاوز حدوده... خاصة إذا كان مثالها مصداقاً عملياً للدعاء الصادق أو التبتّل الطاهر الذي لا يرجو صاحبه بدعائه وتبتّله ومناجاته إلّا رضا الله تعالىٰ وتحكيم دينه في دنيا الناس ، رأفةً بهم وحبّاً لهم ، وامتثالاً لقوله عزَّ من قائل : ( فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٢).
وحتىٰ دعائه عليهالسلام لم يسلم هو الآخر من النقد والتجريح من قبل السفهاء والمسطّحين ، فبعد أن اعتبره بعضهم إعتزالاً سلبياً ، وانكفاءً وابتعاداً عن هموم الناس وآلامهم ، راح آخرون يؤكدون علىٰ الجانب العرفاني فيه فقط ، ناسين أو متناسين أن دعاءه عليهالسلام كان في معظمه رسالة مفتوحة ، إلىٰ الناس كل الناس ، بثّ لهم فيها شجونه وأهدافه ورسالته وعلىٰ كلِّ الأطر والأصعدة ، وعلىٰ طريقة (إياك أعني واسمعي يا جارة)...
ولعلنا من قراءة سريعة لسطور وكلمات أدعيته المأثورة نكتشف سِفراً
_______________________
(١) الصحيفة السجادية / الإمام زين العابدين دعاء (٧).
(٢) سورة النور : ٢٤ / ٦٢.