ومع هذا وذاك ، لم يفُت الإمام عليهالسلام أن يؤكد معونتك لأخيك ونصرته بقوله عليهالسلام : « ولا تدع نصرته علىٰ نفسه » أي حاول الحيلولة بينه وبين شيطانه أو شياطينه ـ علىٰ حد قوله عليهالسلام ـ بأداء النصح ، والتماس العذر سعياً حثيثاً لاستيعابه ، وتشبثاً كريماً للرفق به والعطف عليه ، من أجل احتوائه وعدم التفريط به.. حتىٰ يتأسىٰ منه ، وإلّا « فليكن الله آثر عندك ، وأكرم عليك منه » !!!
وينتقل الإمام إلىٰ حقّ آخر لا يقلّ إحراجاً عن سابقاته في لحظة الخيارات الصعبة ، وبين أن يقسو أو يُقسىٰ عليه ، فيقول في حق الغريم مثلاً : « ... وأما حق الغريم المطالب لك ، فإن كنتَ موسراً أوفيته ، وكفيته وأغنيته ولا تردّه وتمطله ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : (مطل الغني ظلم) ، وإن كنت معسراً أرضيته بحسن القول ، وطلبت إليه طلباً جميلاً ورددته عن نفسك ردّاً لطيفاً ، ولا تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته ، فان ذلك لؤم.. ».
وهكذا يقترب الإمام عليهالسلام لتفعيل هذا الحق بمجسٍّ حساس جداً لآلة الفكر البشري ، وكأنّه يحرك كوامن الفطرة البشرية السليمة ، يستنطق الذات في طريقة تعاملها مع الآخر طالباً كان أو مطلوباً...
أما التعامل مع الخصم ، فيأتي الإمام السجاد عليهالسلام هنا أكثر دقّة وحساسية ،
_______________________
ما نصّه : « لم يبق في مدينة الرسول ومكّة أكثر من عشرين رجلاً يحبوننا أهل البيت.. ».