وأية مساعدة لهم ، حتىٰ في أبسط الأمور وأدنى الأشياء يعتبر تقويةً لحكومتهم ، ومشاركةً لهم في جناياتهم لأنّ تقديم أيّ خدمةٍ لهم وإن كانت ضئيلة جدّاً يكون ـ بقدره ـ تمكيناً ومعاضدةً لهم ، فراح عليهالسلام يؤكد علىٰ لعن (من لاق لهم دواة ، أو قطّ لهم قلماً ، أو خاط لهم ثوباً ، أو ناولهم عصاً) ، بل حرّم العمل معهم ومعونتهم والكسب معهم (١).
اعتمد الإمام السجاد عليهالسلام هذه القاعدة الإسلامية ، وجعلها ركيزة مهمة في مقاومة النظام الفاسد ، وحاول تجريده من سلاح الوعّاظ المحيطين به ، أو عصابات المتزلّفين المتملّقين الذين تمرّر السلطة الظالمة مشاريعها من خلال ملقهم وتزلّفهم وتلميعهم لاجراءات هذه السلطة لدىٰ العوام والسذّج والبسطاء...
وكان الإمام السجاد كثيراً ما يقول : « العامل بالظلم والمعين له ، والراضي به شركاء ثلاثة » (٢).
وكان عليهالسلام يحذّر الناس من التورّط في أعمال الظلمة ، ولو بتكثير سوادهم والتواجد في مجالسهم ومصاحبتهم ، لأنّ الظالم لايريد من الصالح فعلاً الاستفادة من صلاحه أو الاقتداء به ، وإنّما يحاول توريطه في جرائمه وآثامه أو توظيفه لتحقيق مفاسده ومشاريعه.. فكان عليهالسلام يقول « ... ولا يقول رجل في رجل من الخير مالا يعلم ، إلّا أوشك أن يقول فيه من الشرّ مالا يعلم ، ولا اصطحب اثنان علىٰ غير طاعة الله إلّا أوشك أن يتفرّقا علىٰ
_______________________
(١) تحف العقول : ٣٣٢.
(٢) راجع : بلاغة علي بن الحسين عن الاثني عشرية / العاملي : ٢٢٤.