كلِّ نعمة أنعم بها عليك ، وفي كلِّ حجّة احتج بها عليك..
فانظر أي رجل تكون غداً إذا وقفت بين يدي الله ! فسألك عن نعمه عليك ، كيف رعيتها ؟ وعن حججه عليك ، كيف قضيتها ؟!
ولا تحسبنَّ الله قابلاً منك بالتعذير ، ولا راضياً منك بالتقصير ! هيهات.. هيهات ! ليس كذلك إنّه أخذ علىٰ العلماء في كتابه إذ قال : ( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ) (١).
واعلم أن أدنىٰ ما كتمت ، وأخفّ ما احتملت أن آنست وحشة الظالم ، وسهلت له طريق الغيّ بدنوّك منه حين دنوت ، وإجابتك له حين دُعيت.
فما أخوفني أن تبوء بإثمك غداً مع الخونة ، وأن تُسأل عما أخذتَ بإعانتك علىٰ ظلم الظلمة ! إنّك أخذتَ ماليس لك ممن أعطاك ، ودنوت ممن لم يردّ علىٰ أحد حقاً ، ولم تردّ باطلاً حين أدناك ، وأحببت من حادّ الله... ».
ثم يتساءل الإمام السجاد عليهالسلام مستنكراً مستفهماً دقيقاً حين يقول « أوليس بدعائهم إياك حين دعوك جعلوك قطباً أداروا بك رحىٰ مظالمهم ، وجسراً يعبرون عليك إلىٰ بلاياهم ، وسلّماً إلىٰ ضلالتهم.. » لاحظ... ويواصل عليهالسلام رسالته هذه قائلاً : « داعياً إلىٰ غيّهم ، سالكاً سبيلهم ، يدخلون بك الشك علىٰ العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم..
فما أقلَّ ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك ، وما أيسر ما عمّروا لك ! فكيف ماخرّبوا عليك ، فانظر لنفسك ، فإنّه لا ينظر إليها غيرك وحاسبها
_______________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٨٧.