ومنهم.
أما ترىٰ ما أنت فيه من الجهل والغرّة ؟ وما الناس فيه من البلاء والفتنة ؟! قد ابتليتهم ، وفتنتهم بالشغل عن مكاسبهم مما رأوا ، فتاقت نفوسهم إلىٰ أن يبلغوا من العلم ما بلغت ، أو يدركوا به مثل الذي أدركت ، فوقعوا منك في بحر لا يُدرك عمقه وفي بلاء لا يقدر قدره ، فالله لنا ولك ، وهو المستعان... ».
بعد ذلك يروح الإمام السجاد محذّراً منذراً ، مذكّراً منبّهاً ، ينتقل من الدنيا إلىٰ الآخرة ومن الأرض إلىٰ السماء ، ومن الغيب إلىٰ الواقع ومن الواقع إلىٰ الغيب ، لا تفوته إشارة إلّا لمّح لها ولا يترك فراغاً إلّا ملأه ، فيقول : « أما بعد... فأعرض عن كل ما أنت فيه حتىٰ تلتحق بالصالحين الذين دُفنوا في أسمالهم ، لاصقةً بطونهم بظهورهم ، ليس بينهم وبين الله حجاب ، ولا تفتنهم الدنيا ولا يُفتنون بها.
فإن كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ ، مع كبر سنّك ورسوخ علمك ، وحضور أجلك ، فكيف يسلم الحدث في سنّه ؟ الجاهل في علمه ؟ المأفون في رأيه ؟ المدخول في عقله ؟!... علىٰ من المعوّل ؟ وعند من المستعتب ؟ نشكو إلىٰ الله بثّنا ، وما نرىٰ فيك ! ونحتسب عند الله مصيبتنا بك...
فاُنظر : كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيراً وكبيراً.. ! وكيف إعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلاً ! وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيراً !! وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك ان تكون منه قريباً ذليلاً !!
مالك لا تنتبه من نعستك ؟ وتستقيل من
عثرتك ؟ فتقول : والله ما قمت لله