أجلسها عندي ، فإنّي لمريض مدنف ، وخرج إلىٰ أصحابه... » (١).
ثمّ راح عليهالسلام يشرح قصّة مصرع والده عليهالسلام وأصحابه وبنيه وأهل بيته.. ويؤرّخ مواقفهم وملاحمهم البطولية الخالدة بأصدق ما يكون المؤرخ ، وأدقّ ما يسجل التاريخ...
إذن ، كان الإمام الحسين برحلته من الحجاز إلىٰ العراق ، وكلماته كلّها ، ومصرعه الدامي ومشاهد البطولة والفداء ، كلّها مخزونة في وجدان وضمير الإمام السجاد وهو يسمعه يقول يوماً : « كأني بأوصالي هذه تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء » ، ويسمعه يقول في يوم آخر : « من رأىٰ منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ولم يغيّر عليه بقول أو فعل كان حقاً علىٰ الله أن يدخله مدخله » ، ويسمعه يقول في يوم ثالث ورابع : « والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرُّ لكم إقرار العبيد » « إنّي لا أرى الموت إلّا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً » « الموت أولىٰ من ركوب العار ، والعار أولىٰ من دخول النار » فيما يسمع إخوته وأبناء عمومته وأصحاب أبيه ينشدون في حومة الوغىٰ ويهتفون :
* إذا لم يكن من الموتِ بدٌّ |
|
فمن العار أن تموت جبانا |
||
* أنا علي بن الحسين بن علي |
|
نحن وأيم الله أولىٰ بالنبي |
||
أطعنكم بالرمح حتىٰ ينثني |
|
أضربكم بالسيف أحمي عن أبي |
||
ضرب غلامٍ علوي هاشمي |
|
والله لا يحكم فينا ابن الدعي |
||
* سأمضي وما بالموت عارٌ علىٰ الفتىٰ |
|
|||
|
إذا ما نوىٰ خيراً وجاهد مسلما |
|||
_______________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ، دار صادر ـ بيروت.