نفسي ، أنا ابن مكّة ومِنىٰ ، أنا ابن مروة والصفا ، أنا ابن محمد المصطفىٰ... أنا ابن من علا فاستعلىٰ ، فجاز سدرة المنتهىٰ ، وكان من ربّه قاب قوسين أو أدنىٰ ، أنا ابن من صلّىٰ بملائكة السماء مثنىٰ مثنىٰ ، أنا ابن من أُسري به من المسجد الحرام إلىٰ المسجد الأقصىٰ ، أنا ابن علي المرتضىٰ ، أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن خديجة الكبرىٰ ، أنا ابن المقتول ظلماً ، أنا ابن المجزور الرأس من القفا ، أنا ابن العطشان حتىٰ قضىٰ ، أنا ابن صريع كربلاء ، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء ، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء ، أنا ابن من ناحت عليه الجنّ في الأرض والطير في الهواء ، أنا ابن من رأسه علىٰ السنان يُهدىٰ ، أنا ابن من حرمه من العراق إلىٰ الشام تُسبىٰ.. أيُّها الناس إنّ الله تعالىٰ ـ وله الحمد ـ ابتلانا أهل البيت ببلاء حسن ، حيث جعل راية الهدىٰ والتُقىٰ فينا ، وجعل راية الضلالة والردىٰ في غيرنا... » (١).
وهكذا حتىٰ عمّ المجلس النحيب والبكاء ـ كما تقول الروايات التأريخية ـ فكشف مالم يكشف وفضح ما تمّ التكتّم عليه أو يُراد له ذلك ، فذكّر الناس أولاً بنسبه الشريف واتصاله بالإسلام ونبي الإسلام ، وأشار إلىٰ العديد من الحوادث التأريخية والجنايات التي ارتكبها جيش الأمويين باسم الإسلام وتجاوزت حدود الدين وتعاليمه المعروفة ، كالتمثيل بالقتلىٰ مثلاً : « أنا ابن المجزور الرأس من القفا » ، والوحشية في التعامل مع الخصم : « أنا ابن العطشان حتىٰ قضىٰ » والتطاول علىٰ حرمة بيت النبوة ، وبنات المصطفىٰ والمرتضىٰ اللواتي « من العراق إلىٰ الشام تُسبىٰ »... وأكثر من كل ذلك وبصريح القول والعبارة : « أنا ابن المقتول ظُلماً »...
_______________________
(١) مناقب آل أبي طالب / ابن شهر آشوب المازندراني ٤ : ١٨٢.