النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم..
ومن هنا فلا يستطيع المؤرخ أو المحلل السياسي تفسير ظاهرة البكاء لدىٰ الإمام السجاد تفسيراً علمياً رصيناً إلّا من خلال دراسة الظروف التي عاشها عليهالسلام والفضاء الإعلامي والسياسي الذي كان يتنفّس فيه ، وإلّا شطّ به التحليل بين أقصىٰ اليمين وأقصىٰ اليسار ، وجنح في تفسير هذه الظاهرة وفق ظروف اُخرىٰ ، ربما نفسية أو اجتماعية ، أو سياسية ، هي في الحقيقة ، غير تلك التي يجب أن تفسّر من خلالها أو علىٰ ضوئها...
فحين نفهم مثلاً أنّ طائفةً كبيرةً من الناس كانت تجهل الدواعي والأسباب التي دفعت الإمام الحسين عليهالسلام لخوض تلك المعركة غير المتكافئة ، يمكن أن نمسك بخيط واحد من خيوط التفسير العلمي لبكاء الإمام السجاد عليهالسلام.
وحين ندرك أن الاِعلام الأموي كان يفسّر خروج الإمام الحسين عليهالسلام ضد الطاغية يزيد بأنّه صراع علىٰ السلطة ، وأنه بخروجه إنّما شقّ عصا الطاعة وفرّق الجماعة ، وأن الصراع بين الحسين ويزيد إنّما هو صراع شخصي تفجّر بين عائلتين أو بيتين يعتدُّ كل منهما بتأريخه وأمجاده ، وهما البيت الاُموي والبيت الهاشمي ، ويعتقد كلّ منهما بوراثته لتراث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تكون الكارثة أكبر والرزيّة أدهىٰ علىٰ الإمام السجاد عليهالسلام ، لأنّه سيواجه صعوبة بالغة في توضيح هذا المشتبك المؤلم ، ولو عِبر الدموع الغزيرة والنحيب المتواصل الذي أصبح إحدىٰ خصال نفسه الزكية ، وطابعاً لروحه الطاهرة.
ولما كان إعلام السلطة آنذاك هو الحاكم
والمهيمن علىٰ عقول الناس وأفكارهم ، وللحدِّ الذي يواجه به أحدهم الإمام الحسين عليهالسلام