ما ينتظر من أمثال الإمام السجاد عليهالسلام هو أكبر من المناقبية والفضيلة والكرامة ، وإنّما العمل والجهاد والكفاح لمواصلة مشروع تغييري يكون أهل البيت عليهمالسلام أجدر الناس وأولاهم بتبنّيه وتنفيذه في ظلمة ذلك الواقع الفاسد...
نعود ونذكّر بالأسباب والظروف التي أملت علىٰ الإمام السجاد هذا النوع من السلوك في فترة كان المجتمع الإسلامي الممزّق أحوج ما يكون إلىٰ التأمل والمراجعة وإعادة النظر بعيداً عن ضجيج السياسة الصاخب وأزلامها المسطحين المستهترين.
فماذا ترىٰ الإمام فاعلاً وهو يعيش أجواء كابوس خانق من الظلم والتعسف والاضطهاد يحمل لواءه عبدالملك بن مروان ، وخلفه ولاة قساة غلاظ كالحجاج وخالد القسري وبشير بن مروان ، يتوّجهم طاغية جبّار مستهتر لا يتردّد أن يمسك بالقرآن الكريم ويمزّقه ويخاطبه مهدداً :
تهدّدني بجبارٍ عنيد |
|
|
|
وها أنا ذاك جبار عنيدُ |
|
إذا لاقيت ربك يوم حشرٍ |
|
|
|
فقل ياربّ مزّقني الوليدُ |
|
وهذا يعني أن الإمام عليهالسلام عاصر الفترة الاُولىٰ من حكم يزيد الأموي بكامل عنفها واستهتارها ، أعقبتها تسع سنين من الاضطرابات والفوضىٰ والصراع علىٰ السلطة بين الأمويين والزبيريين ، وما رافقها من ثورات شيعية وقتل وقتال لم تترك أحداً إلّا وناشته رذاذة أو شظية من شظايا تلك المرحلة الفظّة وصراعاتها ودمويتها وارتجاج المقاييس والقيم في فضائها العابث الصاخب...