أهل الدنيا ، يحبّ كلّ واحدٍ منهم أن يَغلِب ولا يُغلَب ، وأما الذئاب فتُجّاركم يذمّون إذا اشتروا ، ويمدحون إذا باعوا ، وأما الثعالب فهؤلاء الذين يأكلون بأديانهم ، ولا يكون في قلوبهم ما يصفون بألسنتهم ، وأما الكلاب فيهرّون علىٰ الناس بألسنتهم ، فيكرمهم الناس من شرّها ، وأما الخنازير فهؤلاء المخنّثون وأشباههم لا يُدعون إلىٰ فاحشةٍ إلّا أجابوا... ، أما الشياه فهم المؤمنون الذين تجزّ شعورهم ، وتؤكل لحومهم ، وتُكسر عظامهم... ».
ثمّ يتساءل متوجّعاً متألماً مشفقاً علىٰ المؤمنين : « فكيف تصنع الشاة بين أسد وذئب وثعلب وكلب وخنزير... » (١).
ويقول مخاطباً أصحابه وشيعته :
٤ ـ « ... أيُّها الناس ، اتقوا الله ، واعلموا أنكم إليه راجعون ، فتجد كلّ نفسٍ ما عملت من خيرٍ محضراً... ويحذّركم الله نفسه... ويحك ابن آدم ، إن أجلك أسرع شيء إليك ، ويوشك أن يدركك ، فكأنك قد أوفيت أجلك ، وقد قبض الملك روحك ، وصُيّرت إلىٰ قبرك وحيداً... فان كنت عارفاً بدينك متّبعاً للصادقين ، موالياً لأولياء الله ، لقّنك الله حجتك ، وأنطق لسانك بالصواب ، فأحسنت الجواب ، وبُشّرت بالجنّة والرضوان من الله ، واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان ، وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ، ودُحضت حجتك ، وعييت عن الجواب وبُشرت بالنار ، واستقبلتك ملائكة العذاب بنُزُلٍ من حميم ، وتصلية جحيم.. » (٢).
ولعلّ أروع مادوّنه الإمام السجاد في معرفة النفس الإنسانية وسبره
_______________________
(١) الخصال للشيخ محمد بن علي الصدوق : أبواب السنة ، الحديث الأخير فيها.
(٢) تحف العقول : ٢٤٩ ـ ٢٥٢. وأمالي الطوسي : ٣٠١. وروضة الكافي : ١٦٠. وأمالي الصدوق : ٣٥٦.