والعملية المنبثقة من الدفع الحيوي الذي يحظى به المعتقد الإسلامي.
بهذا الشكل من التفهم والتعقل ، نجد أنّ المذاهب التي تناولت الإمامة في الإسلام وبذلت قدراً من الجهد في هذا المجال رأت أنّه يكفيها في حينه ، كلّ بحسب تطلعه وعلمه ، وهذا لا يمنع الدارس من تناولها بالفحص والعناية ، لإظهار منافعها من جهة ، ولإبعاد ما يمكن أن يكون غير نافع في هذا العصر من جهة ثانية.
وبذلك يستمر الفكر الإسلامي بالتجدد ، وليس ذلك بتقديس القديم بما هو قديم فحسب ، لأنّ الأشياء المقدسة وغير القابلة للنقد لم تكن محل نزاع بين المسلمين ، بل هي تستحوذ على احترام الجميع بلا اختلاف ، وإنّما الذي ينشب حوله النزاع ، ذلك الذي تشتق منه فكرة أو يستخلص منه رأي أو تصاغ حوله الموضوعات ، أمّا الثابت المقدس كالتوحيد مثلا ، والقرآن الذي هو الكتاب الجامع لكلّ مسلم على وجه الأرض ، ونبوّة محمد صلىاللهعليهوآله و ... ، فهي أُمور لا اختلاف حولها. أمّا باقي المفاهيم المنتزعة من هذه العقيدة بعد ثبوتها فإنها مجال للتناول ، ولا نرى غضاضة في إجراء الحوارات ، والمناظرات حولها ، وهي جارية منذ أرفق سبحانه بنبيّه صلىاللهعليهوآله وتوفاه إلى جواره ، ولا نعتقد أنّ عصراً خلا ولم يتناوب أهلوه فيه المناظرات والمجادلات حول تفاصيل جمّة ، منها ما هو عقيدي ، ومنها ما هو تأملي ، ومنها ما هو سفسطي ... إلخ.