ههنا يستقيم لباحث عن إمامه في أعماقه تمام القرار ، ويرفد قلبه بسكينة الاستقرار فالذي يعلم أن سيفه يفصل بين النار والجنة ، هو الذي أجاب من سأله : هل رأيت ربك؟ فأجابه : « أفأعبد ما لا أرى » (١). وإذا تابع المتأمل الكيفية التي رأى الإمام فيه ربّه ، فإنه سيقف على النور الذي لا تنطفىء له شعلة ، والحق الذي لا يأتيه الباطل.
إذا كان فناء عليّ عليهالسلام بحبّ محمد صلىاللهعليهوآله بلغ منه كل هذا المبلغ ، وراح يذرف عليهالسلام نفسه صغيراً ويحامي عنه صلىاللهعليهوآله يافعاً ، ويقاسمه شؤون الدين ، ويذب عن حياضه في كل قائمة وقاعدة ، ويسوح في كل مصر لنصرته ، فكيف بربّ محمد صلىاللهعليهوآله وربّ جميع الوجود.
من استرشد الطريق إلى عليّ عليهالسلام ، ودخل مدينة علم رسول الله صلىاللهعليهوآله من بابها ، صار إلى فناء الرحمة المحمدية ، حتى يبلغ مرتبة من كشف عنه الحجاب ، لكن هذا لا يكون إلاّ ببصيرة راضها حبّ الله.
ربما كانت هذه الكلمات هنا أقرب إلى التذلل منها إلى روح البحث ، ولو أن البحث في مقدس هو في هذا المقام ، لا يجد له مناصاً
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٩.