أعماقه ، دون أن تكون لديه المقدرة على تجاهله ، وإن هو تجاهله لوقت أو لحال من الأحوال فإنه ينقذف ـ في لحظة معينة من داخله ـ شعور يجعله يضطرب متساءلاً عن فحواه ، فمتى قاده هذا الشعور إلى عقيدة أو دين أو إيمان من نوع ما فإنه سوف يسعى لأن يعبّر عنه بأيّ طريقة تتناغم معه ، وتشعره بانتهاء قلقه ، أو انتهاء شي منه.
فالنظر إلى الحقيقة الإنسانية من هذا الجانب العميق ، هو نظرة إلى الفطرة ، ولعلّ الفطرة وحدها هي التي تتكفل بتفسير هذا النزوع نحو الاتجاه الذي يلزم فكر الإنسان بالتجوّل في أنحائه.
لعلّ المقصود بالفطرة هنا : هي تلك الأهلية المتوفرة داخل النفس والتي تشير إلى أكثر حالاتها صفاءً ، قبل دخول وتراكم المعارف عليها ، وهي بهذا اللحاظ تعبر بصورة مثلى عن الاحتياجات التي تجذب نحو تعلّق الإنسان.
ومن المستحكم يقيناً أنّ التدين أمر غريزي ، أو فطري.
والتدين بأحد المعاني ، هو اعتقاد من نوع ما ، يستلزم فكراً مجرّداً من جهة ، ويستلزم أيضاً تعلّقاً عاطفياً من جهة أخرى.
وهو من هاتين الجهتين يحقق انسجاماً وتناغماً مع الإنسان ، بما يشتمل عليه ذهنه من أُمور تعمل وتسير نحو التجريد والبحث عن