جوهره ومعناه الحقيقي. وإن الذي يساعد على ذلك فيما يبدو ، نسق آخر من أنساق التفتيش خلف هذه الحقيقة وسنجده هناك في عوالم النفس.
فثمة في عمق الإنسان ذلك التطلع نحو هدف تنشده نفسه ، وعندما نتحدث عن الإنسان فإننا لا نحصره بعرق أو قومية أو دين إنما عني منه مطلق الإنسان ، شريطة أن لا يكون فاقداً لقواه العاقلة الواعية. والهدف الذي تنشده النفس في عمقها يكاد يكون على درجة عالية من الغموض ، ولعلّ هذا الغموض من شأنه أن يجرفها نحو عدّة اتجاهات ، مع ملاحظة الاختلاف في طبائع البشر ، وشدّة أو ضعف الأحاسيس إنّما في الغالب وفي نهاية المطاف تحمل تلبية الحاجة المستقرة في أعماقها ، لأن الدأب والبحث سوف يصلا إلى تلبية لا بد منها ، تشعر معها النفس بشي من الاطمئنان ، بخلاف ذلك الاضطراب والقلق.
يقول أريك فروم : « لا يوجد إنسان ليس محتاجاً إلى دين ما ، ولا يريد تحديداً للاتجاه والموضوع الذي ينبغي له التعلق به » (١) يريد بهذا القول : إن الغرض الدفين في العمق الإنساني هو هدف يسير بالإنسان باتجاه تعلق من نوع ما باتجاه نداء يسحبه من
__________________
١ ـ البحث النفسي والدين ، أريك فروم : ضمن الإنسان والإيمان ، مرتضى المطهري ، منظمة الإعلام الإسلامي ط٢ ، ص٤٣.