الإنسان نحو هذه المعارف ، ونحن أشرنا إلى أنّ الإنسان هنا غير مرتهن بعرق أو قومية أو دين ، إنّما نقصد العنصر البشري الذي يستحكم فيه أمران : أحدهما غريزي ، تسير معه آلته الجسدية إلى منتهياتها ، والثاني عقلي ، ينطلق نحو المعارف والتأملات التي يحدث منها جملة منافعه وسواها في مسيرته الحياتية.
ولمّا كان التدين بالمعنى العام ، اعتقاداً يستلزم الفكر المجرد مثلما يستلزم التعلق العاطفي الذي يؤدي دوراً من أدوار إشباع الغرائز ، كان بذلك متناغماً مع الإنسان ، بما تشتمل عليه الضرورات من أُمور نظرية ، وأُخرى تطبيقية عملية ، فمن أين تأتي لنا هذه الحاجة إلى التعلق بعد ذلك؟ وكيف تنبعث التعبيرات عنها بهذا الشكل أو ذاك؟ لا بد من التعرف على جذورها أوّلا.
في المساحات التي يشغلها البشر فوق الأرض ، وفي الأماكن القابلة للحياة منذ القدم ، ثمة ما ينضح بالعلاقة الناجزة بيننا وبين مجهول محبّب ، لا ينفر منه القلب ، ولا تخاله المشاعر.
ويرى « وليم جيمس » أنه : « مهما كانت دوافعنا وميولنا نابعة من هذا العالم ، فإنّ أغلب ميولنا وآمالنا تنبع من عالم ما وراء