ونشاط الفرد والجماعة (١) ، إنّ هذا المثال يتموضع داخل كل رغبات الإنسانية مهما جفت وخفت بريق صفائها ، وهو يلهم الناس ويعبئهم ويرسم غاية كمالهم الفردي والاجتماعي ، وهو بهذا اللحاظ المخلوق الكامل المتميز عن سائر مخلوقات الله تعالى ، وتميّزه هنا ناتج عن اصطفاء إلهي تراعى فيه حاجة البشرية إليه ، وهي كما سلف حاجة أصيلة وغير قابلة للتبدل أو التغير مع تواتر الأجيال ، وهي في عمق الوجدان ، وهي عين الأمر المبحوث عن مصداق في الخارج له ، ولا يقبل أو يصح أن تخلو منه الحياة ، لأنه لا يوجد إنسان لا يريد تحديد الاتجاه أو الموضوع الذي ينبغي له أن يتعلق به.
أبدأ من معرفة الإمام ـ الذي استحوذ على هذا المعنى ـ وهو أمر بحاجة إلى دأب خاص ، وإلى إخلاص منقطع وراء هذا الدأب ، ولهما أن يدومان باستمرار ، أي أن يبقى القلب ملتفت دائم البحث ، حثيث الخطا حتى يتحقق له ذلك ، وفي حال الوصول إلى هذا الدأب ، ومع التيقظ الحقيقي والانكشاف على الرجاء ، والشعور ببلوغ لحظة
__________________
١ ـ معجم المصطلح الفلسفي ، توفيق سلوم : ٤٢٧.