حقائق الأشياء وانتزاع المفاهيم الخاصة بها ، وإقامة البراهين والأدلة العقلية على نظريات تلزمه في حياته ، وبين ما تحتاجه النفس من اتساع وخروج خارج الأطر والحدود المادية ، بما يساعدها على سدّ بعض الثغرات التي تعتريها ، وتسبب لها الاضطراب والقلق.
ولعلّنا حين نتدرج في بحثنا هذا على النحو الذي يعطي ثماراً بعد الإحاطة بالغاية ، فإن هذه الثمار سوف لن ينالها من لم يتغلب على العوالق التي تهمين على النفس ، والتي تنشأ عادة من تراكم المعلومات التي يكتسبها الإنسان عن طريق التقليد وسائر الأسباب الاتفاقية ، والتي تترك لها آثاراً فيه ، ينفعل معها بما يلائمها (١).
ونحن إذ نتطلع إلى الإمامة ، فإنّنا ننظر في مفهومها وفي ماهيتها باعتبار الحاجة إلى معناها الذي تقوم عليه الدلائل ، عندما يصار إلى المفارقات التي تنسجم واقعيتها معها ، ورأت فيها أدواراً يؤديها هذا الكائن البشري أو ذاك ، لما يتجلّى به من ميزة ، أو فضيلة ، أو مكرمة ، أو ما شابه ذلك.
لذا فالمعرفة الإنسانية من جانب البعد التركيبي النفسي ، ومن ميدان السبر والتحليل الذي ينطلق منهما مفتاح الدخول إلى أغوار النفس البشرية ، وجدنا في هذا المكان مجالاً لقراءة الدافع أولاً نحو
__________________
١ ـ انظر : علي والفلسفة الإلهية ، السيد محمد حسين الطباطبائي : ٣٩ ، وما يليها.