التدين ، ثم الغاية التي تتلو آياتها مفردات السير نحو مدرج الكمال.
وهنا نستعير هذا المقتبس من صاحب تفسير الميزان ، حيث يقول : « إنّ على الإنسان أن يتجرّد عن جميع معلوماته التي اكتسبها عن طريق التقليد » (١) يريد جلاء الفطرة وإظهار حقيقة النفس بدون شوائب ، وهو إذا بلغ ذلك عن دراية وعلم ، فإنّه يتحرّك سائراً نحو مراتب المعرفة الجوهرية الحقة ، والتي تقوده يقيناً إلى غاية سوف نصل إليها مع متابعة بحثنا حول التدين.
وإذا كان في علماء النفس من قال : « إن الدين غريزة في الإنسان » ، فإنّ هذا القول لم يفارق الحقيقة ، لا لأنّه صدر عن عارفين بواقعها ، وإنّما لأنّ الجاذب للنظر أنّ الأطوار التي مرّت بها البشرية منذ القدم ، وما تركته حضارات الأُمم السابقة ، يقطع الطريق على أُولئك الذين يقولون باختراع الدين الناتج عن حاجة الإنسان الظاهرية إلى قوّة يرهبها.
ومن المتيقن أنّ مثل هذه الحاجة ليست ظاهرية ، بل هي ـ إنما وجدت ـ للتعبير عن التعلق الكامل ، وليس عن التعلّق الناقص ، وهنا ينبغي لنا أن نعترف بأنّ هذا الدافع نحو التعلق بأيّ شيء هو ناتج عن حاجة ، لأنه لو لم تكن هنالك حاجة لانتفى وجود التعلق ، والأمر بهذا اللحاظ غير منقطع إلى حاجة دون سواها ، بل هو مسار تتابعي.
________________________
١ ـ المصدر نفسه مع بعض التصرّف.