نعود الآن إلى موضوع العلم واختيار الإمام عليّ عليهالسلام لفئة من الناس وتركيزه عليها ليجعل منها قدوة صالحة ، لأن يكون منها الولاة والعمال الذين يختارهم الإمام ليسلمهم مهام قيادية.
يقول عليهالسلام : « إنّما قلب الحدث كالأرض الخالية » (١) ، يعني أنّ الله أودع في الإنسان كل أساليب التربية ، وكل ما في الأمر أنه يحتاج إلى المطر وإلى اختيار نوع المزروعات ، فالطفل تربة خصبة صالحة للزراعة ، وما عليك إلاّ أن تتعهده بالعناية وتختار له المعلومات الحسنة الصالحة ، ويقول في وصيته لابنه الحسن عليهالسلام : »ابتدأتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك (٢) ، يعني وأنت شاب طري العود ، قادراً على تفهّم الأمور والفصل فيها قبل أن تستفحل إلى شر ، فالشر كالشجرة الصغيرة ، تستطيع قلعها بسهولة وهي صغيرة طرية الأغصان وقبل أن تمد جذورها عميقاً.
نحن في مدرسة الإمام عليّ عليهالسلام يجب أن نتفاعل مع فكره ، ونغرف من نبعه ، ونروي ظمأنا من معينه ، ولم أتوسع في هذا الكتاب بذكر فضائل الإمام عليّ عليهالسلام فهي أكثر من أن تحصى ، ولكني ركّزت على قضية الإمامة وآمل أن أكون قد وفيت الموضوع حقه أو بعض حقه ، وهل يمكن فهم قضية الإمامة دون العودة إلى أبي الأئمة؟
__________________
١ ـ نهج البلاغة : كتاب ٣١.
٢ ـ المصدر نفسه.