لا تختم الإبداع ، وهذا فيه الكثير من الصواب في رأينا ، فالتراث البشري يمثل شراكة إنسانية ، ويتنوع فيه العطاء ، لكنه في المحصلة هو المشكّل للذاكرة ، وهنا مكمن أهميته ، ليعود تدريجياً إلى بدايات الناس ، ثم يعود إلى العلاقة التي يشترك فيها العمق البشري النفسي بالإبداع ، فالكل يربط بين النفس والشعر مثلاً ، ليقولوا في النهاية : إنّ المساحة التي يتحرك فيها الشعر هي مساحة فوق المألوف (١) ، وهي ذاك المجال النفسي الذي لا يخضع في جوهره لقوانين الزمان والمكان ، إلاّ بالمقدار الذي تحكمه فيه آليات الجسد ، وهو بخلاف ذلك قد يحار المرء في المنشا أو المكان الذي يصدر عنه ، ولهذا الكلام مكان في آراء الشعراء والبلاغيين والنقاد العرب منذ القديم حتى العصر الراهن ، ونظن أنه إلى المستقبل يمتد أيضاً ، وربما دلّ مؤسس المذهب ( السوريالي ) في سورية على ذلك عند قوله : « ان العقل الباطن يحاول دائماً أن يوجد تلاؤماً بين جميع العناصر التي تعيش مجتمعة فيه ، وتنفرد إحدى هذه المحاولات بتمثيل حالة إنسانية عامة ، تنبثق من الفرد وكأنه كل ما مرَّ وكل ما سيأتي من أجيال » (٢).
__________________
١ ـ للتوسع في هذا المجال ، يرجى الرجوع إلى كتابنا ، جدلية النفس والشعر عند العرب ، ط دار يعقوب دمشق ٢٠٠٠ ، عدة أماكن ، وبالخصوص ينظر بحث تحت عنوان في النفس ( الروح ) والشعر.
٢ ـ مقدمة سوريال ، أورخان ميسر ، ضمن نظرية الشعر ، محمد كامل الخطيب ط١ ، وزارة الثقافة ١٩٩٧ ، مرحلة شعر ق٢ ص٧٠١.