وإذا كان الأمر كذلك ، فلنعد إلى المثال الأوّل لزوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي عائشة التي بلغت من المرتبة السّامية والمكانة العالية والشهرة الكبيرة ما لم تبلغه أيّة زوجة أُخرى للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا ولا حتّى لو جمعنا فضائلهنّ بأجمعهنّ ما بلغنَ عشر معشار عائشة بنت أبي بكر ، هذا ما يقوله أهل السنّة فيها (١) ، والذين يعتبرون أنّ نصف الدّين يؤخذ عنها وحدها.
____________
(١) ذكر صاحب كتاب « كشف الجاني » : ١٣١ أنّ المؤلّف كذب في هذا الكلام; لأنّ أهل السنّة لايقولون بذلك ، بل هم مختلفون في تفضيل عائشة على خديجة أو بالعكس ، وبعضهم يفضّل فاطمة سلام الله عليها عليهما.
والذي يرجع إلى أقوال علماء أهل السنّة في هذا المضمار يلحظ أنّ المؤلّف لم يجانب الصواب ، ولم يفترِ عليهم ما لم يقولوه كما حاول عثمان الخميس في كتابه « كشف الجاني » إظهار المؤلّف بذلك ، مجازفاً في تحميل مذهب أهل السنّة المفضّل لعائشة على بقية زوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى فاطمة سلام الله عليها على بعض الأقوال ، وننقل هنا كلمات علماء أهل السنّة في المسألة ليطلع عليها القارئ وصاحب كتاب « كشف الجاني » إذ لعلّه لا يستطيع اقتناءها فلذلك زوّر الكلام جزافاً :
(١) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ : ١٤٠ في ترجمة عائشة ١٩ : « .. ولم يتزوّج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بكراً غيرها ، ولا أحبّ امرأة حبّها ، ولا أعلم من أُمّة محمّد بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها ، وذهب بعض العلماء إلى أنّها أفضل من أبيها ».
فهنا لم يفضّلوا عائشة على خديجة فحسب بل فضّلوها حتى على أبيها!!
(٢) وقال ابن تيمية في كتابه أُمّ المؤمنين عائشة : ٢٣ : « قد ذهب إلى ذلك [ أي تفضيل عائشة على غيرها من النساء ] كثير من أهل السنّة ».
(٣) عن الزهري أنّه قال : « لو جمع علم الناس كلّهم ثمّ علم أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم