وها هي عائشة أُمّ المؤمنين تحكي مرّة أُخرى عن غيرتها من أُمهات المؤمنين ، قالت : ما غرتُ على امرأة إلاّ دون ما غرت على مارية ، وذلك أنّها كانتْ جميلة جعدة وأعجب بها رسول الله ، وكان أنزلها أوّل ما قدم بها في بيت حارثة بن النعمان ، وفزعنا لها فجزعتُ ، فحوّلها رسول الله إلى العالية ، فكان يختلف إليها هناك ، فكان ذلك أشدّ علينا ، ثمّ رزقه الله الولد منها وحرمناه (١).
كما أنّ عائشة تعدتْ غيرتها دائرة مارية ضرّتها إلى إبراهيم المولود
____________
هذه المسألة باعاً طويلا ، وقدماً راسخة يقرون ويعترفون بذلك ، فقد أخرج أبو داود في سننه ٢ : ٤٠١ ح ٤٦٣٦ عن عبد الله بن ظالم المازني قال : « ذكر سفيان رجلا فيما بينه وبين عبد الله بن ظالم المازني ، قال : سمعت سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل قال : لما قدم فلان إلى الكوفة أقام فلان خطيباً .. ». فعلق العظيم آبادي في عون المعبود ١٢ : ٣١٣ قال : « قال في الفتح الودود : ولقد أحسن أبو داود في الكناية عن اسم معاوية ومغيرة بفلان ستراً عليهما في مثل هذا المحل ... ».
قال بعض العلماء : كان في الخطبة تعريضاً بسب علي .. « ، وكذلك فعل ابن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان ١٩ : ١٤٩ في قضية نزول قوله تعالى ( وَأنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ) ودعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لاقربائه على أن يؤازره في هذا الأمر ويكون وصيه وخليفته كما ورد في ذلك في تاريخه ٢ : ٦٣ ، إلاّ أن الطبري في تفسيره المشار إليه أبدل قوله : ( هذا أخي ووصيي وخليفتي ) بقوله : ( هذا أخي وكذا وكذا ) ، مع أنّه رواها في التفسير والتاريخ بنفس السند!!
وهناك شواهد كثيرة موجودة في كلمات المحدّثين ، تتكتّم على فضائل أهل البيت عليهمالسلام ، أو تتستر على فضائح القوم الذين يحبونهم ، فلا ينقلونها بأمانة وإنما يقوموم ببترها وقطعها. وهذا كثير في كتب المحدثين الأمناء!!
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ : ٢١٢ ، الإصابة في معرفة الصحابة للعسقلاني ٨ : ٣١١.