الرضيع البريء! قالتْ : لما وُلد إبراهيم جاء به رسول الله إلىَّ ، فقال : « أنظري إلى شبهه بي » ، فقلتُ : ما أرى شبهاً ، فقال رسول الله : « ألا ترين إلى بياضه ولحمه »؟ قالت : فقلت : من سُقِيَ ألبانُ الضّأن ابيضّ وسمن (١).
وقد تعدّت غيرتها كلّ الحدود وفاقت كل تعبير عندما وصلت بها الظّنون والوساوس إلى الشكّ في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكانت كثيراً ما تتظاهر بالنّوم عندما يبات عندها رسول الله ، ولكنّها ترقبُ زوجها وتتحسّسُ مكانه في الظلام ، وتتعقّبه أين ما ذهب.
وإليك الرواية عن لسانها والتي أخرجها مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده وغيرهم ، قالت : لمّا كانتْ ليلتي التي كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها عندي ، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه ، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع ، فلم يلبث إلاّ ريثما ظنّ أن قد رقدتُ فأخذ رداءهُ رويداً ، وانتعل رويداً وفتح الباب فخرج ثم أجافَهُ رويداً.
فجعلتُ درعي في رأسي ، واختمرتُ وتقنّعتُ إزاري ، ثمّ انطلقت على أثره حتّى جاء البقيع ، فقام فأطال القيام ، ثمّ رفع يديه ثلاث مرّات ، ثمّ انحرف فانحرفتُ ، فأسرَعَ فاسرعْتُ ، فهروَلَ فهرولتُ ، فأحضر فأحضرتُ ، فسبقته فدخلتُ فليس إلاّ أن اضطجعتُ فدخل فقال : « ما لك يا عائش حشْياً رابيةً؟ » قالتْ : فقلتُ : لا شيء ، قال : « لتخبريني أو ليخبرني اللّطيف الخبير » ، قالت : قلت : يا رسول الله بأبي أنت واُمّي فأخبرتُه ، قال : « فأنت
____________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ١ : ١٣٧ ترجمة إبراهيم بن النبي ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٨٧.