السّوادُ الذي رأيت أمامي »؟ ، قلت : نعم ، فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ، ثمّ قال : « أظننت أنْ يحيفَ اللّهُ عليك ورسولُهُ ... » (١).
ومرّة أُخرى قالت : فقدتُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فظننتُ أنّه أتى بعض جواريه ، فطلبته فإذا هو ساجد يقول : « ربّ اغفر لي » (٢).
وأُخرى قالت : إنّ رسول الله خرج من عندي ليلا ، قالت : فغرتُ عليه ، قالت : فجاء فرأَى ما أصنع ، فقال : « ما لك يا عائشة ، أغرتِ »؟ فقلت : ومالي أن لا يغار مثلي على مثلك! فقال رسول الله : « أفأخذكِ شيطانك » (٣).
وهذه الرواية الأخيرة تدلُّ دلالة واضحة على أنّها عندما تغارُ تخرجُ عن أطوارها ، وتفعل أشياء غريبة كأنْ تكسّر الأواني ، أو تمزّق الملابس مثلا ، ولذلك تقول في هذه الرواية : فلمّا جاء ورأى ما أصنعُ قال : « أفأخذكِ شَيطانكِ »؟
ولا شكّ أنّ شيطان عائشة كان كثيراً ما يأخذها أو يلبسها ، وقد وجد لقلبها سبيلا من طريق الغيرة ، وقد روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « الغيرة للرّجل إيمان وللمرأة كفرٌ » باعتبار أن الرّجل يغار على زوجته لأنّه لا يجوز شرعاً أن يشاركه فيها أحد ، أمّا المرأة فليس من حقّها أن تغار على زوجها; لأنّ الله سبحانه أباح له الزواج بأكثر من واحدة.
____________
(١) صحيح مسلم ٣ : ٦٤ ، باب ما يقال عند دخول القبور ، مسند أحمد بن حنبل ٦ : ٢٢١.
(٢) مسند الإمام أحمد ٦ : ١٤٧ ، سنن النسائي ٢ : ٢٢٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ : ٣٤ ، والسند صحيح.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ٦ : ١١٥ ، صحيح مسلم ٨ : ١٣٩.