بل إنّه حذّرَ الأُمّة من فتنتها (١).
سألتُ بعض شيوخنا مرّة عن سبب حبّ النبي المفرط لعائشة بالذّات دون سواها؟ فأجابوني بأجوبة عديدة كلّها مزيّفة.
قال أحدهم : لأنّها جميلة وصغيرة ، وهي البكر الوحيدة التي دخل بها ، ولم يشاركه فيها أحدٌ سواه.
وقال آخر : لأنّها ابنة أبي بكر الصدّيق صاحبه في الغار.
وقال ثالث : لأنّها حفظت عن رسول الله نصف الدّين ، فهي العالمة الفقيهة.
وقال رابع : لأنّ جبرئيل جاءه بصورتها ، وكان لا يدخل على النبي إلاّ في بيتها.
وأنت كما ترى أيّها القارئ بأنّ كلّ هذه الدّعايات لا تَقومُ على دليل ، ولا يقبلها العقل والواقع ، وسوف نأتي على نقضها بالأدلّة ، فإذا كان الرسول يحبّها لأنّها جميلة ، وهي البكر والوحيدة التي دخل بها ، فما الذي يمنعه من الزواج بالأبكار الجميلات اللآتي كنّ بارعات في الحسن والجمال وكنّ مضرب الأمثال في القبائل العربية ، وكنّ رهن إشارته؟! على أنّ المؤرّخين يذكرون غيرة عائشة من زينب بنت جحش ، ومن صفية بنت حيي ، ومن مارية القبطية لأنهنّ كنّ أجمل منها.
روى ابن سعد في طبقاته ٨ : ١٤٨ ، وابن كثير في تاريخه ٥ : ٣٢٠ أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تزوّج مليكة بنت كعب ، وكانت تعرف بجمال بارع ، فدخلتْ
____________
(١) صحيح البخاري ٤ : ٤٦ ، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي من كتاب الجهاد والسير.