وهكذا أصبح معاوية بن أبي سفيان ، الطليق بن الطليق ، واللعين بن اللعين ، ومن كان يتلاعب بأحكام الله ورسوله ولا يقيم لها وزناً ، ويقتل الصلحاء والأبرياء في سبيل الوصول إلى أهدافه الخسيسة ، ويسبّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على مرأى ومسمع من المسلمين (١) ، أصبح هذا الرّجل يسمّى كاتب الوحي ، ويقولون بأن الله ائتمنَ على وحيه جبرئيل ومحمّداً ومعاوية ، وأصبح يوصف بأنّه رجل الحكمة والسياسة والتدبير.
أمّا أبو ذر الغفاري الذي ما أقلّت الخضراء ولا أظلت الغبراء أصدق ذي لهجة منه ، فأصبح صاحب فتنة ، يضربُ ويشرّد ويُنفى إلى الربذة ، وأمّا
____________
(١) يقول الشاعر في هذا المعنى :
عاندوا « أحمد » وعادوا عليّاً |
|
وتولّوا منافقاً وغويّاً |
وأسرّوا سبّ النبي نفاقاً |
|
حين سبّوا جهراً أخاهُ عليّاً |
( المؤلف )
وقد ذكر الشيخ الألباني في صحيحته حديث رقم ٣٣٣٢ : « ... عن أبي عبد الله الجدلي قال : قالت لي أُم سلمة : أيُسبُ رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بينكم على المنابر؟!
قلت : سبحانه الله! وأنّى يسب رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!
قالت : أليس يُسبُّ علي بن أبي طالب ومن يحبّه ، وأشهد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يُحبه ...
قلت : وهذا إسناد جيد ورجاله كلّهم ثقات ... ».
وهذا من الطامات الكبرى والرزايا العظمى أن يسب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والعهد منه قريب جداً ، وجسده الشريف لم يبرد بعد ، وكفنه لم يبل ، لكن الطلقاء وأبناء الطلقاء أرادوا حجب نور الشمس قبل بزوغها ، وإطفاء نورها قبل ظهورها ، فسعوا إلى ذلك بكلّ ما أُتوا من قوّة; إلاّ أَن الله كان لهم بالمرصاد ، فأخمدهم وأخمد فتنتهم قبل انتصاب الأمور وتحقيق غاياتهم الفاسدة.