احتملته الحميّة ، فقال : كذَبتَ لعمر الله لا تقتلنّه ولا تقدر على ذلك ، فقام أسيد بن الحضير فقال : كذَبتَ لعمر الله ، والله لنقتلنّه فإنّك منافقٌ تجادلُ عن المنافقين ، فثار الحيّان الأوس والخزرج حتّى همّوا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على المنبر ، فلم يزل يخفّضهم حتّى سكتوا وسكت ... ( صحيح البخاري ٣ : ١٥٦ وكذلك ٦ : ٨ ).
وإذا كان سعد بن عبادة سيّد الأنصار يتّهم بالنّفاق بعدما كان رَجُلا صالحاً كما تشهد بذلك الرّواية ، ويقال عنه « منافق » بحضرة النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا يدافع عنه ، وإذا كان الأنصار الذين امتدحهم الله في كتابه يثورون جميعاً بأوسهم وخزرجهم ، ويهمّوا بالاقتتال من أجل منافق آذى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أهله ، فيدافعون عنه ويرفعون أصواتهم بحضرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكيف يستغربُ النفاقُ من غيرهم الذين كرّسوا حياتهم في محاربة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعوته ، أو من الذين همّوا بحرق دار ابنته بعد وفاته من أجل الخلافة؟!!
وأخرج البخاري في صحيحه من جزئه الثامن من كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى : ( تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إلَيْهِ .. ) (١).
أنّ علي بن أبي طالب بعث وهو باليمن إلى النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بقطع من الذهب ، فقسّمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على بعض النّاس ، فتغضّبت قريش والأنصار ، فقالوا : يُعطيه صناديد أهل نجد ويدعنا؟ قال النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما أتألّفهم » ، فأقبل رجلٌ فقال : يا محمّد اتّق الله! فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فمن يطع الله إذا عَصَيْتُهُ؟ فيأمنّي على أهل الأرض ولا تأمنوني »؟
____________
(١) المعارج : ٤.