تحت الشجرة ، فإنّك لا تدري ما أحدثتُ بعده ، وقد قال تعالى : ( إنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إنَّمَا يُبَايِعُونَ اللّهَ يَدُ اللّهِ فَوْقَ أيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ) (١).
وكم كان عدد الصحابة النّاكثين كبيراً حتّى عهد النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لابن عمّه علي أن يُقاتلهم ، كما جاء ذلك في كتب التاريخ.
وأخرج البخاري في صحيحه من جزئه الأوّل والثالث في باب إذا نفر النّاسُ عن الإمام في صلاة الجمعة من كتاب الجمعة :
عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنه ) قال : أقبلتْ عيرٌ من الشّامِ تحمِلُ طعاماً ، ونحنُ نصلّي مع النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الجمعة ، فانفضّ النّاسُ إلاّ اثني عشَر رجُلا ، فنزلتْ هذه الآية : ( وَإذَا رَأوْا تِجَارَةً أوْ لَهْواً انفَضُّوا إلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً ) ( صحيح البخاري ١ : ٢٢٥ و ٣ : ٦ و ٧ ).
وهذا نمط آخر من الصحابة المنافقين الذين لا يتورّعون ولا يخشعون ، بل ويفرّون من صلاة الجمعة ليتفرّجوا على العير والتجارة ، ويتركون رسول الله قائماً بين يدي الله يؤدّي فريضته في خشوع ورهبة.
فهل هؤلاء مسلمون كَمُلَ إيمانهم؟ أم هل هم منافقون يهزؤونَ من الصّلاة ، وإذا قاموا إليها قاموا كُسَالى؟ ولا يُستثنى منهم إلاّ الذين ثبتُوا مع النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لإتمام صلاة الجمعة ، وعددهم اثنى عشر رجُلا.
ومن تتبّع أحوالهم واستقصى أخبارهم فسوف يندهش لأفعالهم ، ولا شكّ أن هروبهم من صلاة الجمعة تكرّر لمرّات متعدّدة ، ولذلك سجّله كتاب
____________
(١) الفتح : ١٠.