ولّى فجلس إلى سارية ، وتبعته وجلست إليه ، وأنَا لا أدري من هو.
فقلت له : لا أرى القومَ إلاّ قد كرهوا الذي قُلت ، قال : إنّهم لا يعقلون شيئاً ، قال لي خليلي ... ، قلت : من خليلك؟ قال : النبىُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال لي : « يا أبا ذر أتبصر أحداً »؟ قال : فنظرتُ إلى الشمس ما بقي من النهار ، وأنَا أرى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يُرسلني في حاجة لَه ، قلت : نعم ، قال : « ما أحبّ أن لي مثل أُحُد ذهباً أُنْفِقُه كُلَّهُ إلاّ ثلاثةَ دنانير. وإنّ هؤلاء لا يعقلون إنّما يجمعُون الدنيا ، لا والله لا أسألهم دنْيا ، ولا أستفتيهم عن دين حتّى ألقى الله عزّ وجلّ ». ( صحيح البخاري ٢ : ١١٢ ) (١).
وأخرج البخاري في جزئه السابع في باب الحوض وقول الله تعالى : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « بينما أنا قائم فإذا زمرةٌ حتّى إذا عرفتهم خرج رجُلٌ من بيني وبينهم فقال : هَلُمَّ ، فقلتُ : أين؟ قال : إلى النّار والله ، قلت : وما شأنُهم؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك أدبارهم القهقرى ، ثم إذا زمرة حتّى إذا عرفتهُم خرج رجُلٌ من بيني وبينهم فقال : هَلُمَّ ، قلتُ : أين؟ قال : إلى النّار والله ، قلتُ : ما شأنهم؟ قال : إنّهم ارتّدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراهُ يخلصُ منهم إلاّ مثل همل النَّعَمِ ».
____________
(١) ولعلّ قائلا يقول : من قال بأنّ هؤلاء كانوا من الصحابة؟
وللجواب عليه نذكر ما قاله ابن حجر العسقلاني في الإصابة ٢ : ٤٦٩ حيث قال : « .. إنّ من كان في عصر أبي بكر وعمر رجلا وهو من قريش فهو على شرط الصحبة ، لأنه لم يبق بعد حجة الوداع منهم أحد على الشرك ، وشهدوا حجة الوداع مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... ».