فهم كلّهم عدول ولا يمكن لأحد خدشهم أو الطعن فيهم ، وبذلك ضربوا حاجزاً كثيفاً وسدّاً منيعاً على كلّ باحث يريد معرفة الحقّ ، فتراه لا يتخلّص من موجة حتى تعترضه أمواج ، ولا يتخلّص من خطر حتى تعترض سبيله أخطار ، ولا يكاد المسكين يصل إلى شاطئ السّلامة إلاّ إذا كان من أُولي العزم والصبر والشجاعة.
وإذا رجعنا إلى موضوع التاريخ فإنّ بعض الصّحابة قد كُشفتْ عوراتهم ، وسقطت أقنعتهم ، وظهروا على حقيقتهم التي حاولوا جُهدهم اخفاءها على النّاس ، أو حاول ذلك أنصارهم وأتباعهم ، أو قل : حكام السوء والمتزلّفين إليهم.
وأوّل ما يلفِتُ النّظر هو موقف هؤلاء تجاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غداة وفاته روحي له الفداء ، وكيف تركوه جثة ولم يشتغلوا بتجهيزه وتغسيله وتكفينه ودفنه ، بل أسرعوا إلى مؤتمرهم في سقيفة بني ساعدة يختصمون ويتنافسون على الخلافة ، والتي عرفوا صاحبها الشرعي ، وبايعوه في حياة النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ممّا يؤكّد لنا بأنّهم اغتنموا فرصة غياب علي وبني هاشم الذين أبتْ أخلاقُهم أن يتركوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مُسجّى ويتسابقوا للسّقيفة ، فأراد هؤلاء أن يُبرمُوا الأمر بسرعة قبل فراغ أولئك من مهمّتهم الشريفة ، ويلزموهم بالأمر الواقع فلا يقدرون بعده على الكلام والاحتجاج; لأنّ أصحاب السّقيفة تعاقدوا على قتل كلّ من يحاول فسخ الأمر الذي أبرموه بدعوى مقاومة المخالفين واخماد الفتنة.