نفوسُ قوم آخرين ، والحكمُ الله ، والمَعودُ إليه القيامةُ.
ودع عنك نهباً صِيحَ في حُجَراته |
|
ولكن حديثاً ما حديث الرواحل |
وهلّم الخطبَ في ابن أبي سفيان ، فلقد أضحكني الدّهرُ بعد إبكائه ، ولا غروَ والله فيا له خطباً يستفرغُ العَجَبَ ويُكثِرُ الأوَدَ ، حاول القومُ إطفاء نور الله من مصباحه ، وسدّ فوَّاره من يُنبوعِهِ ، وجَدَحوا بيني وبينهم شِرباً وبيئاً ، فإن ترتفعُ عنّا وعنهم مِحَنُ البلوى أحملهم من الحـقّ على محضِهِ ، وإنْ تكنِ الأخري ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرات إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ ) » (١).
وقال في هذا المعنى عند دفنه سيدة النّساء فاطمة الزّهراء ، وهو يخاطب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« وستُنْبئُكَ ابنتك بتضَافِرُ أُمّتِكَ على هضْمِهَا ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، هذا ولم يطل العهد ، ولم يخلُ منك الذكر ... » (٢).
وقال عليهالسلام في رسالة إلى معاوية بعث بها إليه :
« فإنّك مُترفٌ قد أخذ الشيطانُ منك مأْخذَهُ ، وبَلَغَ فيكَ أَمَلَهُ ، وجَرى منْك مجرى الروح والدَّم.
ومتى كنتم ـ يا معاوية ـ ساسة الرعيّة ، وولاّة أمر الأُمّةِ بغير قدم سابق ولا شرف باسق ، ونعوذ بالله من لزوم سوابق الشّقاء؟! وأُحذّرك أن تكون مُتمادياً في غِرَّة الأمنيةِ مُختلفِ العلانية والسريرة.
وقد دعوت إلى الحرب فدع النّاسَ جانباً ، وأخرج إلىَّ وأعفِ الفريقين
____________
(١) نهج البلاغة ٢ : ٦٤ ، الخطبة ١٦٢.
(٢) نهج البلاغة ٢ : ١٨٢ ، الخطبة ٢٠٢.