حتى توفيتْ ، وعاشت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ستّة أشهر (١).
قالتْ : وكانتْ فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها ممّا ترك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خيبر وفدك ، وصَدَقتهُ بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك وقال : لستُ تاركاً شيئاً كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعمل به إلاّ عملتُ به ، فإنّي أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ ، فأمّا صدقتهُ بالمدينة فدفعها عُمر إلى علي والعبّاس ، فأمّا خيبر وفدك فأمسكها عُمرُ ، وقال : هما صدقة رسول الله كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه ، وأمرهُما إلى من ولي الأمْرَ ، فهُما على ذلك إلى اليوم.
ورغم أنّ الشّيخين البخاري ومسلم اقتضبا هذه الروايات واختصراها لئلاّ تنكشف الحقيقة للباحثين ، وهذا فنٌّ معروف لديهما توخياه للحفاظ على كرامة الخلفاء الثلاثة ـ ولنا معهما بحث في هذا الموضوع إن شاء الله سنوافيك به عمّا قريب ـ إلاّ أن الروايات التي نمّقوها كافية للكشف عن حقيقة أبي بكر الذي ردّ دعوى فاطمة الزّهراء ، ممّا استوجب غضبها عليه وهجرانها له حتى ماتت عليهاالسلام ، ودفنها زوجها سرّاً في اللّيل بوصية منها دون أن يؤذن بها أبا بكر ، كما نستفيد من خلال هذه الروايات بأنّ علياً لم يبايع أبا بكر طيلة ستّة أشهر ، وهي حياة فاطمة الزّهراء بعد أبيها ، وأنّه أضطرّ لبيعته اضطراراً لمّا رأى وجوه النّاس قد تنكّرت له ، فالتمس مُصالحة أبي بكر.
والذي غيّره البخاري ومسلم من الحقيقة هو أدّعاء فاطمة عليهاالسلام بأنّ أباها
____________
(١) هذا المقطع لا يوجد في صحيح مسلم ، بل أخذه المؤلّف من صحيح البخاري ٤ : ٤٢ ، كتاب الخمس باب فرض الخمس.