أمّرته عام أوّل ، وأمّرك العام (١).
وبهذا يتبيّن لنا بوضوح لا شكّ فيه بأنّ مبدأ الشورى الذي يطبّل له أهل السنّة لا أساس له عند أبي بكر وعمر ، أو بتعبير آخر : إنّ أبا بكر هو أوّل من هدم هذا المبدأ وألغاه ، وفتح الباب أمام الحكّام من بني أُميّة أن يُعيدوها ملكية قيصرية يتوارثها الأبناء عن الآباء ، وكذلك فعل بنوالعبّاس من بعدهم ، وبقيت نظرية الشورى حُلماً يراود أهل السنّة والجماعة لم ولن يتحقّق.
وهذا يذكّرني بمحاورة دارت بيني وبين عالم من علماء الوهّابية السعوديين في مسجد نيروبي بكينيا على مشكلة الخلافة ، وكنتُ من أنصار النصّ على الخليفة ، وأنّ الأمر كلّه لله يجعله حيث يشاء ، ولا دخل لاختيار الناس في ذلك.
وكان هو من أنصار الشورى ، ويدافع عنها دفاعاً مستميتاً ، وكان حوله مجموعة من الطلبة الذين يأخذون العلم عنه ، وهم يؤيّدونه في كلّ ما يقول ، بدعوى أنّ حجّته من القرآن الكريم ، إذ يقول تعالى لرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ ) (٢) ويقول : ( وَأمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ) (٣).
ولمّا عرفْتُ أنّني مقهور مع هؤلاء لأنّهم تعلّموا من أستاذهم كلّ الأفكار الوهّابية ، كما عرفت أنّهم غير قابلين للاستماع إلى الأحاديث الصّحيحة ، وهم يتشبثون ببعض الأحاديث التي يحفظونها وأغلبها من الموضوعات ،
____________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٣٨.
(٢) آل عمران : ١٥٩.
(٣) الشورى : ٣٨.