آخر كلامه الذي لا تفهمه العقول السّليمة ، ونحن نقبل شهادته بأنّ عمر غيّر الأحكام القرآنية تبعاً لرأيه بأنّ المصلحة تتغيّر بحسب الأزمان. ونرفض تأويله بأنّ عمر نظر إلى علّة النّص ولم ينظر إلى ظاهره ، ونقول له ولغيره : بأنّ النّصوص القرآنية والنّصوص النبويّة لا تتغيّر بتغيّر الأزمان ، فالقرآن صريح بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه ليس من حقّه أن يبدّل ، قال تعالى :
( وَإذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآن غَيْرِ هَذَا أوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أنْ اُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إنْ أتَّبِعُ إلا مَا يُوحَى إلَيَّ إنِّي أخَافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْم عَظِيم ) (١).
والسنّة النبويّة الطّاهرة تقول : « حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة » (٢).
ولكن على زعم الدواليبي ، ومن يرى رأيه من أنصار الاجتهاد فإنّ الأحكام تتغيّر بتغيّر الزمان ، ولا لوم إذن على بعض الحكّام الذين غيّروا أحكام الله بأحكام الشعب ، وبأحكام وضعيّة اقتضتها مصالحهم وهي مخالفة لأحكام الله ، فمنهم من قال : أفطروا لتقوُوا على عدوّكم ، ولا حاجة بالصّوم في الوقت الحاضر الذي نجاهد فيه التخلّف والفقر والجهل ، والصّومُ يُقعدنا عن الانتاج!!
ومنع تعدّد الزوجات لأنّه يرى في ذلك ظلماً وتعدّياً على حقوق المرأة ، وقال : بأن في زمن محمّد كانت المرأة تعتبر « شقفة بول » أمّا الآن فقد
____________
(١) يونس : ١٥.
(٢) الكافي ١ : ٥٨ ح ١٩.