فأبدل هذا الحكم بحكمه الذي يقول طلقةٌ واحدة فعلية بلفظ الثلاثة ، تحرم على الزوج زوجه ، وخالف بذلك القرآن الكريم والسنّة النبويّة.
فقد جاء في صحيح مسلم في كتاب الطّلاق باب طلاق الثّلاث عن ابن عبّاس قال : كان الطلاق على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عُمر طلاقُ الثلاث واحدة ، فقال عمر بن الخطّاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانتْ لهم فيه أناةٌ ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم (١).
عجباً! والله كيف يجرؤ الخليفة على تغيير أحكام الله بمحضر من الصحابة ، فيوافقون على كلّ ما يقول وما يفعل ولا من منكر ولا من مُعارض ، ويموّهون علينا نحن المساكين بأنّ أحد الصحابة قال لعمر : « والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقوّمناك بحدّ السّيف »!!
فهذا زور من القول وبُهتان ، ليتشدّقوا بأنّ الخُلفاء كانوا المثل الأعلى في الحريّة والديمقراطيّة ، والتاريخ يُكذّبهم بواقعه العملي ، ولا عبرة بالأقوال إذا كانت الأعمال على نقيضها.
أو لعلّهم كانوا يرون الاعوجاج في الكتاب والسنّة ، وأنّ عمر بن الخطاب هو الذي قوّمها وأصلحها ، نعوذ بالله من الهذيان ، وكنتُ في مدينة قفصة كثيراً ما أفتي للرجال الذين حرّموا نساءهم بكلمة : « أنتِ حرامٌ بالثلاث » ، ويفرحون عندما أعرّفهم بأحكام الله الصحيحة التي لم يتصرّف فيها الخلفاء
____________
(١) صحيح مسلم ٤ : ١٨٣ ، مسند أحمد ١ : ٣١٤ ، المستدرك للحاكم ٢ : ١٩٦.