كان يعبد الله فإنّ الله حىّ لا يموت ».
ولا بدّ لنا هنا من تعليقة صغيرة على هذا القول ، فهل كان أبو بكر يعتقد بأنّ في المسلمين من يعبُدُ محمّداً؟ كلاّ وإنّما هو تعبير مجازي على شتم وانتقاص بني هاشم عامّة وعلي بن أبي طالب خاصّة ، الذين كانوا يفخرون على سائر العرب بأنّ محمّداً رسول الله منهم وهم أهله وعشيرته وأحقّ الناس به.
وهو أيضاً تعبير عمّا أفصح به عمر بن الخطّاب يوم رزيّة الخميس عندما قال : « حسبنا كتاب الله يكفينا » ولسان حاله يقول : لا حاجة لنا بمحمّد فقد انتهى أمره وولّى عهده ، وهذا بالضّبط ما أكّده أبو بكر بقوله : من كان يعبدُ محمّداً فإنّه قد مَاتَ ، ويعني بذلك : يا من تفتخروا علينا بمحمّد تأخّروا اليوم فإنّه انتهى أمره ، وحسبنا كتاب الله فإنّه حي لا يموت.
ومن الملاحظ أنّ علياً وبني هاشم كانوا يعرفون أكثر من غيرهم حقيقة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانوا يُبالغون في احترامه وتقديسه وتنفيذ أوامره ، واتّبعهم على ذلك الموالي من الصّحابة ، والذي كانوا غُرباء عن قريش ، وكانوا إذا بصق رسول الله بصقة تسارعوا إليها ليمسحوا بها وجوههم ، ويتخاصمون على فضل وضوئه أو على شعره ، وكلّ هؤلاء المساكين والمستضعفين كانوا شيعة لعلي من زمن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو الذي سمّاهم بهذا الاسم (١).
أمّا عمر بن الخطّاب وبعض الصّحابة من سراة قريش ، فكانوا كثيراً ما
____________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٧٩ سورة البيّنة ، المعجم الكبير ١ : ٣١٩ ح ٩٤٨ ، فتح القدير للشوكاني ٥ : ٤٧٧.