عائشة هي المرأة الجريئة القادرة على ركوب الصّعاب وتغيير الأُمور ، وهو يعلَم علم اليقين بأنّ أبا بكر طوع يديه ورهن إشارته في كلّ ما يصبوا إليه.
ولم يكن عهد أبي بكر بالخلافة لعمر يخفى على كثير من الصّحابة من قبل كتابته ، فقد قال له الإمام علي منذ اليوم الأوّل : « أحلب حلباً لك شطره ، واشدد له اليوم ليردّه عليك غداً » (١) ، كما قال آخر لعمر عندما خرج بالكتاب الذي عهد فيه أبو بكر قال له : « أنا أعرف ما فيه ، إنّك أمّرته عام أوّل وأمّرك هذا العام » (٢).
فعهد أبي بكر لعمر بالخلافة أمرٌ معلوم لدى عامّة النّاس ، وإذا كان في حياته يعترف له أمام الجميع بأنّه أقوى منه على هذا الأمر ، فلا غرابة أن يسلّم له مقاليد الخلافة عند الموت.
وبهذا يتبيّن لنا مرّة أُخرى بأنّ ما يقوله أهل السنّة بأنّ الخلافة لا تكون إلاّ بالشورى أمرٌ ليس له وجود ، وليس له في خيال أبي بكر وعمر أيّ اعتبار ، وإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم توفّي وترك الأمر شورى بين النّاس ـ كما يزعمون ـ فإنّ أبا بكر هو أوّل من هدّم هذا المبدأ ، وخالف سُنّة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعهده لعمر بن الخطّاب من بعده.
وأهل السنّة دائماً تراهم يتبجّحون بكلّ فخر واعتزاز على أنّهم يؤمنون بالشّورى ولا تصلح الخلافة إلاّ بها ، ويسخرون من قول الشيعة الذين يعتقدون بأنّها لا تكون إلاّ بالنصّ من الله ورسوله صلىاللهعليهوآله ، وتسمع أغلبهم ينتقِدُ
____________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٢٩.
(٢) المصدر نفسه ١ : ٣٨.