بالحصبة : هل عندكم في البيت أو في الجيران من هو مصاب بهذا الداء؟ فقالتْ الأُمّ : كلاّ ، فقال الطّبيب لعلَّهُ التقطها من المدرسة؟ فأجابت الأُمّ على الفور : كلاّ إنّه لم يدخل بعد إلى المدرسة ، فعمره أقلّ من خمس سنين ، فقال : ففي الروضة إذن ، قالت : لا إنّه لا يذهب للروضة. فقال الطبيب : لعلّك ذهبت به إلى زيارة بعض أقاربِك ، أو زاركم بعض الأقارب الذي يحمل الجرثومة ، فأجابت بالنفي! وعند ذلك قال لها الطبيب : جاءتْ إليه الجرثومة في الهواء.
نعم ، فالهواء يحمل الجراثيم والأمراض المعدية ، وقد يصيب قرية كاملة أو مدينة بأكملها ، ولذلك وُجِدَ التلقيح والوقاية لما قد تحمله الرّياح من أمراض فتّاكة كالوباء والطّاعون وغير ذلك ، فكيف يخفى كلّ ذلك على من لا ينطق عن الهوى؟ إنّه رسول ربّ العالمين الذي لا يعزب عن علمه شيء ، إنّه لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
ولذلك نحن نرفض هذا الحديث ولا نقبله أبداً ، ونقبل الحديث الثاني الذين أخرجه البخاري نفسه ، وفي نفس الصفحة ونفس الباب ، وفي نفس الحديث إذ يقول : وعن أبي سلمة سَمِعَ أبَا هريرة بعدُ يقولُ : قال النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا يوردَنَّ مُمرضٌ على مُصِحٍّ » ، وأنكر أبو هريرة حديثه الأوّل ، قلنا : ألم تحدّث أنّه لا عَدْوى ، فرطن بالحبشية ، قال أبو سلمة : فما رأيتهُ نَسِيَ حديثاً غَيرَهُ.
مع أنّ الحديثين المتناقضين « لا عدوى » ، « ولا يوردنّ مُمْرض على مُصحّ » رواهما أيضاً مسلم في صحيحه في كتاب السّلام ، باب لا عدوى ولا طيرة ، ولا هامة ولا صفر ، ولا نوء ولا غول ، ولا يوردنّ ممرض على مصحٍّ.