ومن خلال هذه الأحاديث نعلم أنّ حديث : « لا يوردن ممرض على مصح » هو الحديث الصحيح الذي قاله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ; لأنّه لا يتناقض مع العلم ، وأمّا حديث « لا عدوى » فهو مكذوب عليه; لأنّه حديث جاهل بالحقائق الطبيعية ، ولذلك فهم بعض الصّحابة تناقض الحديثين ، فعارضوا أبا هريرة واستغربوا منه حديثه الأوّل ، ولم يجد أبو هريرة مخرجاً من هذه الورطة فرطن بالحبشية ، يقول شارح البخاري : تكلّم غضباً بما لا يُفهمُ! (١).
وممّا يزيدنا تأكيداً بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أسبق مما أثبته العلمُ حديثاً في خصوص الأمراض المعدية ، إنّه كان يحذّر المسلمين من الطّاعون ومن الجذام ومن الوباء وغير ذلك.
أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء ، باب حدّثنا أبو اليمان ، وكذلك مسلم في صحيحه كتاب السّلام ، باب الطاعون والطيرة والكهانة وغيرها :
عن أُسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الطّاعُونُ رجْسٌ أرسل على طائفة من بني إسرائيل ، أو على من كان قبلكم ، فإذا سمعتُم به بأرض فَلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتُم بها فَلا تخرجوا فراراً منه » وفي رواية لا يخرجكم إلاّ فراراً منه.
وقد صحّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله في هذا المعنى : « فِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد » (٢) ، وقوله : « إذا شرب أحدكم فلا يتنفّس في الإناء » (٣) ، وقوله : « إذا
____________
(١) عمدة القارئ شرح صحيح البخاري ٢١ : ٤٢٨.
(٢) صحيح البخاري ٧ : ١٧ كتاب الطبّ ، باب الجذام.