تغطية الحقائق بما يختلقونه من تأويلات متكلّفة لا تُسْمِنُ ولا تُغْني من جوع؟!
فإليك ما ابتكره العالم محمّد فؤاد عبد الباقي في شرحه لكتاب « اللؤلؤُ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان » عند إيراده لحديث رزيّة يوم الخميس قال يشرح الواقعة : « ائتوني بكتاب » أي ائتوني بأدوات كتاب كالقلم والدواة ، أو أراد بالكتاب ما من شأنه أن يكتب فيه نحو الكاغد والكتف; والظاهر أنّ هذا الكتاب الذي أراده إنّما هو في النصّ على خلافة أبي بكر ، لكنّهم لمّا تنازعوا واشتدّ مرضه صلىاللهعليهوآلهوسلم عدل عن ذلك ، معوّلا على ما أصَّلَهُ من استخلافه في الصّلاة.
ثمّ أخذ يشرح معنى هَجَر قال : هجر : ظنّ ابن بطّال أنّها بمعنى اختلط ، وابن التين أنّها بمعنى هَذَى; وهذا غير لائق بقدره الرفيع ، ويحتمل أن يكون المراد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هجركم ، من الهجر الذي هو ضدّ الوصل ، لما قد وردَ عليه من الواردات الإلهية ، ولذا قال : في الرفيق الأعلى ، وقال ابن الأثير : إنّه على سبيل الاستفهام وحذفتْ الهمزة ، أي هل تغيّرَ كلامه واخْتَلَطَ لأجل ما به من المرض ، وهذا أحسن ما يقالُ فيه ، ولا يجعل إخباراً فيكون إمّا من الفحش أو الهذيان ، والقائل كان عمر ولا يُظنُّ به ذلك (١). انتهى كلامه.
ونحن نردّ عليك يا سيادة العالم الجليل أنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ، ويكفينا اعترافك بأنّ قائل هذا الفحش هو عُمر! ومن أنبأك بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يكتب خلافة أبي بكر؟ وهل كان عمر ليعترض على ذلك؟
____________
(١) اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ٢ : ١٦٦ ، كتاب الوصية.