وهو الذي شيّد أركان الخلافة لأبي بكر ، وحملَ النّاس عليها غصباً وقهراً حتّى هدَّد بحرق بيت الزّهراء ، وهل هناك من ادّعى هذا غيرك يا سيادة العالم الجليل؟
والمعروف عند العلماء قديماً وحديثاً (١) بأنّ علىَّ بن أبي طالب هو المرشّح للخلافة من قبل الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إن لم يعترفوا بالنصّ عليه ، ويكفيك ما أخرجه البخاري في صحيحه من كتاب الوصايا من جزئه الثالث صفحة ١٨٦ ، قال : ذكروا عند عائشة أنَّ عليّاً رضي الله عنهما كان وصيّاً ، فقالت : متى أوصى إليه وقد كنتُ مسندته إلى صدري فدعا بالطسَّتِ ، فلقد انخنث في حجري فما شعرتُ أنّه قد ماتَ ، فمَتى أوصى إليه؟ (٢).
والبخاري أخرج هذا الحديث لأنّ فيه إنكار الوصيّة من طرف عائشة ، وهذا ما يعجب البخاري ، ولكن نحن نقول : بأنّ الذين ذكروا عند عائشة أنّ
____________
(١) إنّ هذا الأمر كان معلوماً لدى الصحابة فضلا عن العلماء ويدلّ عليه أُمور :
منها : ما قاله عليّ عليهالسلام : « قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا أرى أنّي أحق بهذا الأمر ... » ( اُسد الغابة ٤ : ٣١ ) ، ومنها : ما قاله العباس لعليّ بعد ما توفّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا علي قم حتى أبايعك ومن حضر ... فقال عليّ : وأحدٌ؟ يعني يطمع فيها غيرنا ... » ( الطبقات لابن سعد ٢ : ١٩٠ ط دار الكتب العلمية ). فالمسألة إذاً كانت معلومة واضحة لدى الصحابة ولذا تأخّر قوم عن البيعة وذهبوا إلى بيت فاطمة عليهاالسلام وليس ذلك إلاّ لاعتقادهم أحقية عليّ عليهالسلام بالأمر دون غيره.
(٢) لا بأس بذكر ما أورده الشوكاني في نيل الأوطار ٦ : ١٤٥ على القرطبي حينما استشهد بكلام عائشة على نفي الوصية ، فقال : « ولا يخفى أنّ نفي عائشة للوصية حال الموت لا يستلزم نفيها في جميع الأوقات ، فإذا أقام البرهان الصحيح من يدّعي الوصاية في شيء معين قبل ».