٦ ـ كما أنّ البخاري فعل الكثير من أجل تبديل وتدليس وتخليط الأحاديث النّبوية; التي يشعر من خلالها أنّ هناكَ توهيناً وانتقاصاً لهيبة أبي بكر وعمر ، فها هو يعمدُ إلى حادثة تاريخية مشهورة قال فيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حديثاً لم يعجب الإمام البخاري ، فأعفاه تماماً وكمالا; لأنّه يرفع مكانة علي على حساب أبي بكر.
فقد روى علماء السنّة في صحاحهم ومسانيدهم ، كالترمذي في صحيحه ، والحاكم في مستدركه وأحمد بن حنبل في مسنده ، والإمام النسائي في خصائصه ، والطبري في تفسيره ، وجلال الدّين السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور ، وابن الأثير في تاريخه ، وصاحب كنز العمّال ، والزمخشري في الكشّاف ، وغير هؤلاء كثيرون ، أخرجوا كلّهم :
إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث أبا بكر ( رضي الله عنه ) وأمره أن ينادي بهذه الكلمات ( وهي براءة من الله ورسوله .. ) ، ثمّ أتبعَهُ عليّاً ( رضي الله عنه ) وأمره أن ينادي بها هو ، فقام علىٌّ ( رضي الله عنه ) في أيام التشريق فنادى : « إنّ الله برىء من المشركين ورسولُه ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ، ولا يحجّنّ بعد العام مشرك ، ولا يطوفنّ بالبيت عريان » ، ورجع أبو بكر ( رضي الله عنه ) فقال : يا رسول الله نزل فىّ شيءٌ؟ قال : « لا ، ولكنّ جبرئيل جاءني فقال : لن يؤدّي عنك إلاّ أنتَ أو رجلٌ منك » (١).
____________
(١) راجعه بألفاظه المختلفة : مسند أحمد ١ : ١٥١ وقال محقّق المسند أحمد شاكر : سنده حسن ، ذخائر العقبى : ٦٩ ، الدر المنثور ٣ : ٢٠٩ ، تاريخ دمشق ٤٢ : ٣٤٨ ، سنن الترمذي ٤ : ٣٣٩ ، المستدرك ٣ : ٥١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ : ٥٠٦ ح ٧٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ : ١٢٨ والخصائص له أيضاً : ٩١ ، مسند أبي