لكنّ البخاري كعادته دائماً أخرج الحادثة بطريقته المعروفة والمألوفة ، قال في صحيحه من كتاب تفسير القرآن باب قوله : فسيحوا في الأرض أربعة أشهر :
قال : أخبرني حميد بن عبد الرحمن أنّ أبا هريرة ( رضي الله عنه ) قال : بعثني أبو بكر في تلك الحجّة في مؤذّنين ، بعثهم يوم النّحر يؤذّنون بمنْى : أن لا يحجّ بعد العام مشركٌ ، ولا يطوف بالبيت عريان ، قال حميد بن عبد الرحمن : ثم أردف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعلي بن أبي طالب ، وأمره أن يؤذّنَ ببراءة ، قال أبو هريرة : فأذّن معنا علي يوم النحر في أهل منىً ببراءة ، وأنّ لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ (١).
فانظر أيها القارئ كيف تتمُّ عملية التشويه للأحاديث والأحداث حسب الأغراض والأهواء المذهبية ، فهل هناك شبهٌ بين ما رواه البخاري في هذه القضية ، وما رواه غيره من المحدّثين والمفسّرين من علماء أهل السنة؟!
والبخاري هنا يجعل أبا بكر هو الذي بعث أبا هريرة ، ومؤذّنين يؤذّنون بمنى أن لا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ ، ثمّ يدخلُ قول حميد بن عبد الرحمن بأنّ رسول الله أردف بعلي بن أبي طالب ، وأمره أنْ يؤذّن ببراءة.
ثمّ يأتي من جديد قول أبي هريرة بأنّ علي شاركهم في الأذان يوم
____________
يعلى ١ : ١٠٠ ح ١٠٤ ، صحيح ابن حبان ١٥ : ١٧ ، تفسير الطبري ١٠ : ٨٤ ، شواهد التنزيل ١ : ٣٠٥ ، أنساب الأشراف : ١٥٥ ، تاريخ الطبري ٢ : ٣٨٣ ، فتح القدير للشوكاني ٢ : ٣٣٤ ، كتاب السنة لابن أبي عاصم : ٥٩٥ ح ١٣٨٤.
(١) صحيح البخاري ٥ : ٢٠٢.